غزة تحيي ذكري "النكبة" بثلاثة وثلاثين قمراً مضيناً في سمائها وحكايات فلسطينية باقية 

تابعنا على:   11:58 2023-05-16

أروى صلاح

أمد/ لم يحتاج الشعب الفلسطيني هذا العام إلى إحياء ذكرى "النكبة 75" لمسيرات من الأعلام وبالونات وشموع، وشخصيات مروقه تتنافس على الوقوف بالصفوف الأولى فيها فقط لالتقاط الصور والتتويج إعلامياً، لأن الفلسطينيون في كل مكان وفي القطاع المحاصر أثبتوا أن النكبة حية ومتّقدة في وجداننا فعلاً وليس قولاً فقط من خلال تقديمهم ثلة من الشهداء التي أضاءت سماء فلسطين بأكملها، لتأتي الرياح بما لا تشتهى سفن لإسرائيل.

ولا يتوقف شريط الذكريات عن اعتصار آلامنا وجراحنا، نحنُ الفلسطينيين في كل بقاع الأرض، وفي كلِ يومٍ جديد تتسعُ مساحة الجراح، لتمتد إلى جميع شرايينا لتوجعنا مِن جديد، تذكرنا بحجمِ مأساتنا كفلسطينيين، ولكن هذا العام كان مختلفاً على الحاجة أم محمد المهاجرة من قرية يافا لتقول: " لا يُمكنني أن أنسى العام 1948، كُنا نعتقد أننا سنعود إلى بيتنا، وكبارُنا يحملون المفاتيح، وأمضينا سنتين في الغربة، مهجرين، بالكاد نلملمُ مؤنتنا ونبكي جراحنا، بيوتٌ في الوطن و الشتات ليست بيوتاً، ومِن مكانٍ إلى مكانٍ نحملُ الأغراض ووجع القلب ونسيرُ باكين، أملاً في العودة".

 وتضيف بعيون مليئة بالدموع "أن هذا العام كان علينا في قطاع غزة صعب للغاية، فقداناً أعز ما نملك من أبنائنا شهداء خلال معركة ثأر الأحرار التي كانت بمثابة استنفاذ للدماء وحرقاً للقلوب".

يافا في عيون أم محمد: "كان عدد سكان يافا العرب في العام 1947 يبلغ حوالي 72 ألف عربي، ولم يبقَ في تشرين الثاني من العام 1948، سوى أقل من ثلاثة آلاف وستمئة نسمة، أما اليوم فعدد السكان العرب وصل إلى 140 ألفًا نسمة، علمًا أنّ عامل الزيادة لا يعتمد فقط على التكاثر الطبيعي، بل إنّ الهجرة الداخلية إلى يافا، زادت هذا العدد بصورة ملحوظة، كونها اليوم حضنُ الفلسطينيين وأجملُ المدن في نظري، ولا يكتملُ جمالُ مدينتي إلا بعودتي إليها، مهما طالُ الدهرُ أو قَصُر".

ويحيي الفلسطينيون في 15 مايو/أيار من كل عام والذي يعرف باسم "النكبة" لدى الفلسطينيين، سوى ترجمة لسنوات طويلة سبقته على عملية تهجيرهم من أراضيهم، على أيدي "عصابات صهيونية مسلحة" عام 1948، وإقامة دولة إسرائيلية.

فقبل أسبوع من حلول الذكرى، تفجّرت الأوضاع في الأراضي الفلسطينية كافة، وقطاع غزة بالتحديد حيث اندلعت جولة تصعيد بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، استمرت لمدة خمسة أيام لتسفر عن استشهاد 33 فلسطيني بينهم أطفال ونساء وكبار بالسن.

فنكبة الفلسطينيين، لم تبدأ في ذلك الحين فقط، ولم يكن ذلك التاريخ إلا اليوم الأكثر دموية وهجرة للفلسطينيين من أرضهم، وتوزعهم على مخيمات اللجوء حول العالم، وبداية "القضية الفلسطينية"، لتسرد السيدة سعاد من قرية حليقات المحتلة، لتقول " أننا في شهر أيارٍ من كل عام، وتحديدًا في الخامس عشر منه، تسكُننا قصصُ التهجير من جديد، تعود لتخطُر على بالِ مَن عايش النكبة، هِي ذكرى تحمِلُ تفاصيل دقيقة لشعبٍ كان يملكُ كُل شيءٍ، وفي لمحةِ بصر ودون أن يستوعِب ما يحصل له، أضاعَ كُلَ شيءٍ، أرضه، أبناءه، بيته، مفتاح غرفته، وصارَ يبعُدُ عن هواءِ فلسطين آلاف الأميال وأكثر، لكن في رئتيه وفي قلبه لا تزالُ فلسطين تسكُنّ أينما سَكَن".
وترى أن "هناك إرثاً من الارتباط الوثيق عند كل أهل قرية بالعادات التي نقلوها معهم، إلى مخيمات اللجوء، مثل الثوب، والأكلات التي اشتهروا بها، كذلك في قضايا الزواج فمثلاً لفترة قريبة كان اللاجئون في قطاع غزة، يفضلون تزويج بناتهم لأبناء بلدتهم الأصلية أو القرى المجاورة لها، كونهم أقرب لهم في العادات وغيرها".
وختمت حديثها بالقول "بقينا فيما بعد النكبة نتأمل أن نقف على أطلالها ورسومها، ولكن حينما أرى ارتقاء الشهداء فإن الذاكرة تعود بي إلى الوراء لأتذكر النكبة، ومن قضوا على يد العصابات اليهودية، وأتذكر المنازل التي هدمت بغير وجه حق".
وتحيي منظمة الأمم المتحدة اليوم للمرة الأولى منذ عام 1948، ذكرى نكبة الشعب الفلسطيني بفعالية رسمية، في مقر الهيئة الدولية بمدينة نيويورك، وفقًا للتفويض الممنوح من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، بقرار صدر في 30 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2022.
وقال الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، إن سجلات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، تشير إلى أن عدد اللاجئين المسجلين لديها في ديسمبر/ كانون الأول عام 2020، بلغ حوالي 6.4 مليون لاجئ فلسطيني، منهم نحو مليونين في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وأوضح “الإحصاء” في تقرير صدر عنه، بمناسبة الذكرى الـ 75 للنكبة، التي تصادف 15 مايو، أن حوالي 28% من اللاجئين المسجلين لدى “الأونروا” يعيشون في 58 مخيمًا رسميًا تابعا لها، تتوزع بواقع 10 مخيمات في الأردن و9 مخيمات في سوريا و12 مخيما في لبنان و19 مخيما في الضفة الغربية و8 مخيمات في قطاع غزة.
وفي ذكرى "النكبة 75" يؤكد الفلسطينيون أجمعون على أحقيتهم في أرضهم وعلى أن العودة حق لا محال عنه.

اخر الأخبار