والدته تروي لـ"أمد" تفاصيل استشهاده في "معركة جنين"..

مجدي عرعراوي.. "الطالب الذي تسلم شهادتين في شهر واحد"- صور

تابعنا على:   19:00 2023-07-23

أمد/ جنين- صافيناز اللوح: بكاء وورود بجانب قبر فلذة كبدها الذي اغتالته رصاصة الغدر الإسرائيلية في معركة جنين الشهر الماضي، هكذا استقبلت والدة الشهيد مجدي عرعراوي نتيجة الثانوية العامة لابنها الشهيد وبدرجة الامتياز يوم الخميس.

أم مجدي عرعراوي 53 عاماً من حارة الدمج في مخيم جنين، التي ودعت نجلها الشهيد بعد محاولته انقاذ الشهيد علي الغول، نتيجة اصابته برصاص قناص جيش الفاشية اليهودية، ليسقط مجدي وعلي شهداء يحتضنون بعضهم البعض فوق أرض الوطن وتحتها.

شهيد ينقذ شهيد..
عبر صورة نشرت على التليجرام، لثلاثة من الشبان سقطوا شهداء فوق بعضهم، "أحدهم جاء ينقذ الآخر والثالث سقط شهيداً فوق جسدهم"، بجريمة ليست بالجديدة ولن تكون الأخيرة في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي وسرقته للأرض والوطن.

هذا المشهد الذي شاهدته والدة الشهيد مجدي عرعراوي، خلال حديثها مع "أمد للإعلام"، حيثُ عرفت من خلاله نجلها الذي سقط شهيداً بعد محاولته انقاذ شاب آخر، خلال معركة الجنين البطولية التي استمرت لأكثر من 49 ساعة، استشهد فيها 12 شهيداً، وأكثر من 100 جريح، في عملية عسكرية نفذها جيش الاحتلال ضد جنين ومخيمها، ليخرج منها مطأطئاً رؤوس جنوده، حاملاً اثنين منهم بأكفان وعدد آخر مصاب بحسب رواية رسمية إسرائيلية، ولكن الفيديوهات التي انتشرت عبر مواقع الإعلام والسوشيال ميديا، تتحدث عن أكثر من ذلك.

استطاعت الوصول إلى المستشفى بعد ساعات..
قبل دقائق فقط من استشهاده، كان يجلس مجدي مع والدته التي حضرت له الإفطار، وجلست معه، لكنه خرج مع وصول جرافات جيش الاحتلال يوم الثالث من يوليو، إلى "حارة الدمج"، ذلك الحي الذي شهد أعنف المعارك بين الفدائيين وجيش الاحتلال، وبالتحديد قرب عند مسجد الأنصار المجاور لمنزل الشهيد.

حوصرت والدة مجدي في المنزل وسط استمرار المعارك والاشتباكات بين جيش الاحتلال والفدائيين ولم تستطع الخروج من منزلها بعد رؤيتها لمشهد نجلها عبر موقع "التليجرام"، بسبب شدة الرصاص والقناص الذي اعتلى أسطح المنازل المجاورة، وعند وصول أول سيارة إسعاف لنقل مصاب من حارة الدمج، خرجت معه إلى المستشفى بعد أكثر من أربع ساعات، وبقيت عائلتها في المنزل لا تستطيع الخروج، حتى أعطى جيش الاحتلال مدة وجيزة لخروج الأهالي من الحي.

وصلت إلى المستشفى وسألت عن مجدي، فقالوا إنه متواجد في ثلاجة الموتى، فذهبت إلى هناك وأخرجت جثمانه على الأرض وجلست بجانبه كثيراً وتحدثت معه، وخلال يومين كنت أراه قبل أن يتم إعلان انتصار جنين، وتشييع جثامين الشهداء لأحرم من رؤيته طوال العمر، هكذا تحدثت أم مجدي مع "أمد".

تخرج من الثانوية العامة بامتياز..
تقول والدة الشهيد مجدي في حديثها مع "أمد"، " ذهبت إلى قبره لأخبره نتيجته في يوم اعلان نتائج الثانوية العامة بأنه حصل على معدل 90، وأن الله أكرمني به بحصوله على الشهادة في الدنيا والشهادة في الآخرة"، ومنزلنا لم يفرغ من الناس، وكأن "مجدي" ما زال بيننا يستقبل المهنئين.

وأضافت: "وزعت الحلوى والمشروبات، حضّرت القهوة، وجهزت كل شيء بشكل مسبق تحضيراً لاستقبال الضيوف، ووزارة التربية كانت قد اتصلت بي قبل يوم من النتائج تطلب إذناً لنشر شهادته بعد صدور النتائج، ووافقت على ذلك، قلت لهم انشروها مهما كانت النتيجة.

وأكملت حديثها عبر "أمد"، لقد كنت متأكدة من المعدل الذي حصل عليه 90.4% منذ أن أنهى امتحاناته في 26 يونيو الماضي، فقد كتب لي توقعاته على ورقة ووضعها على مكتبه الصغير".

وتكمل أم مجدي حديثها مع "أمد"، "وكأن جرح مجدي عاد وانفتق مرة أخرى، كان يوم الخميس صعب، يوم حزين جداً، ولا يمكن لي أن أشعر بأي فرح فيه، على العكس كأني دفنته مرة أخرى".

حلمه "هندسة الإلكترونيات"..
مجدي الطالب المهذب الخلوق، والمتفوق في دراسته، كان يجتهد ليحصل على معدل عالٍ في الفرع الصناعي بالثانوية العامة، ليحقق حلمه بدراسة هندسة الإلكترونيات.

وبحيب والدة الشهيد مجدي عرعراوي في حديثها مع "أمد"،  "كانت علامته لا تقل عن 97%، وخلال فترة الامتحانات كان يهتم بدراسته لكن تفكيره بشكل أكبر في مقاومة الاحتلال، ولولا ذلك لحصل على معدل أعلى نظراً لما كان عليه في السنوات السابقة".

وتضيف أم الشهيد: "ذهب وتركني، كنت أحلم بتخرجه مهندسا من الجامعة، ذهبت أحلامي معه".

وتذكر، أن مجدي كان يحرص على البقاء بجانبها دائما، خاصة بعد زواج شقيقه الأكبر وانتقاله للسكن في منزل آخر، وبعد زواج شقيقاته، إذ تقول: "في البداية، قرر دراسة الهندسة في جامعة خضوري بمدينة طولكرم، لكنه تراجع عن قراره خشية تركي وحدي، وقال لي سأسجل في الجامعة العربية الأميركية في جنين لأظل قربك، ولا أضطر للمبيت في سكن للطلاب بعيداً عنكِ".

يتيم الأب شهيد الوطن..
توفي والد مجدي في عام 2017، وعاش ذاك الشهيد الفدائي يتيماً، وهو أحد أربعة إخوة؛ اثنان من الذكور وفتاتان، منذ كان في الحادية عشرة من عمره، أصبح مجدي فدائيا بعمر الـ17، يعمل في أي ما هو ممكن لمساعدة أسرته ووالدته. 

وأكدت أم مجدي، "كان يحب العمل في الزراعة، وبقطف الخضراوات، كالطماطم والفلفل الحلو وغيرهما، وكان يحب أن يعطي الجيران مما يحضره من خضراوات من عمله".

إلى جانب دراسته في الثانوية العامة، كان مجدي واحدا من فدائيي "كتيبة جنين" التي تضم مئات الشبان في مخيم جنين.

منذ بداية العام، استشهد 6 من طلاب الثانوية العامة برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية، 3 منهم من جنين، وواحد من طوباس استشهد أيضا داخل مخيم جنين خلال اقتحامه من قبل قوات الاحتلال يونيو الماضي.

كلمات دلالية

اخر الأخبار