لا يقدم على هكذا جريمة بغيضة الا من فقد كل صلة بالانسانية

تابعنا على:   16:55 2023-07-30

جدعون ليفي

أمد/ ​(المضمون: لن يغطي على الآبار التي تم اغلاقها أي مبرر أو أي كذبة أمنية، وليس حتى مبرر الحفاظ على القانون والنظام  - المصدر).
​شاحنة الباطون التي لفظت من داخلها خلطة باللون الرمادي والتي تدفقت بضجة الى داخل آبار المياه، أغلقتها. حولها وقف الجنود الذين يقومون بالحماية، موظفو الادارة المدنية الذين خططوا لهذا الشر، العمال الذين يقومون بالعمل، المزارعون الذين شاهدوا مصدر رزقهم وهو يخنق الى الأبد. الجنود حاولوا تفريقهم مثلما يفرقون الكلاب الضالة. ماكينة الباطون استمرت في صب الباطون وموظفو الادارة المدنية تأكدوا من أنها غطت كل شيء. في وقت قصير كانت الآبار الثلاثة مليئة. هذا حدث في يوم الاربعاء الماضي في الخليل قرب مخيم الفوار للاجئين. هذا كان عمل شيطاني من الاعمال الاكثر شيطنة التي اخترعها الاحتلال، المنافسة صعبة.
​"الى آبار المياه/ الى آبار المياه/ الى النبع الذي ينبض في الجبل/ ستظل تجد حبي هناك/ مياه الينابيع/ المياه الجوفية ومياه النهر"، كتبت نعومي شيمر في 1982. كم هو جميل أن تكتب عن آبار المياه بالعربية وأن تغني اغنية شعبية. وكم هي صهيونية قصيدتها مثل كل قصائدها. مياه النهر لم تكن من هذه الآبار. حب شيمر لارض اسرائيل يمكن أن يجد هناك فقط مياه ينابيع ومياه جوفية، لكنها لم تعد تتدفق الى الأبد. كراهية العرب، الابرتهايد، الوحشية والظلم، تغطي الآن على مياه الينابيع والمياه الجوفية وعلى الحب المصطنع لارض اسرائيل. من يقومون باغلاق آبار المياه التي تستخدم للزراعة تحركهم يد شريرة خالصة، ومن يخنق مياه النبع يكره البلاد.
​شر الفصل العنصري توجد له وجوه كثيرة. واغلاق الآبار هذا الذي لم تسفك فيه الدماء ولم يتم اعتقال أي أحد فيه، هو من أقبحها. الآبار التي غطاها الباطون لن تغطيها أي ذريعة أو أي كذبة أمنية، وليس حتى ذريعة الحفاظ على القانون والنظام. فقط هناك شر مقطر. حتى لو لم تكن أقبح الجرائم التي ترتكب كل يوم في المناطق، فان اغلاق الآبار هو أقبحها.  
​يوجد لموظفي الادارة المدنية بالتأكيد اسباب كثيرة امنية وبيروقراطية للادعاء بأن هذه الآبار التي تجمعت فيها المياه الجوفية، والتي توجد في طرف صحراء جنوب جبل الخليل، هي آبار ممنوعة وغير قانونية واجرامية وخطيرة وتشكل تهديد. لكن لا يمكن لأي شيء أن يبرر عمل مقيت وحقير الى هذه الدرجة. الاراضي التي يزرعون فيها الخضراوات الفاخرة منذ سنوات مثل الملفوف والخس والبندورة والخيار، جنة صغيرة من الخضراوات أمام بؤس مخيم الفوار للاجئين ونقاء هواء الجبل الذي سيصرخ بأنه يحتاج الى المياه. مشكوك فيه أن يتمكن المزارعون من تحمل نفقات جلب المياه بالصهاريج من اماكن بعيدة. الاكثر احتمالية هو أن هذه الحقول ستذبل وتموت، ومعها مصدر الرزق الوحيد لمن لا يوجد له مصدر رزق آخر.
​في اليوم التالي للاغلاق، عندما نشر الفيديو الذي وثقه، سارع اللواء غسان عليان، قائد الاحتلال العسكري الذي يحمل اللقب المغسول "منسق اعمال الحكومة في المناطق" الى اصدار أمر بحسبه كل نشاطات انفاذ القانون ضد البنى التحتية للمياه في اشهر الصيف سيتم فحصها لدى رئيس الادارة المدنية. سيتم فحصها ولكن لن يتم وقفها تماما، فقط في الصيف، وليس في كل اشهر السنة. تدمير آبار المياه وصهاريج المياه هي حجر الاساس في نشاطات التدمير التي تقوم بها الادارة المدنية. عندما يريدون تطهير منطقة وطرد الناس يجب في البداية اختراعها. هذه طريقة عمل. دولة تسمم من الجو حقوق في غزة وفي النقب، ولا تتردد بالطبع في أن تعطش الرعاة والقطعان. أنا شاهدت عدد غير قليل من الآبار التي دمرتها الادارة خلال سنوات، ايضا هناك آبار قام المستوطنون برمي جثث حيوانات فيها من اجل تسميمها. هذا بالتأكيد لن يتوقف الآن.
​أنا لدي سؤال واحد فقط وهو ما الذي قاله الجنود وموظفو الادارة المدنية لعائلاتهم عن العمل الذي قاموا به في ذاك اليوم؟ هل قالوا لاولادهم أو لآبائهم بأنهم دمروا آبار مياه لمزارعين يريدون العيش على اراضيهم؟، هذا هو عملهم، ومن الذي يجب عليه القيام بهذا العمل. يجب فقط الأمل بأن هذا اليوم سيطاردهم حتى نهاية حياتهم.

عن هآرتس

اخر الأخبار